الغلو في الدين اسبابه وعلاجه

سم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد : أيها الإخوة والأخوات ، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، وحياكم الله في هذا اللقاء الطيب المبارك ، الذي يجمعنا بصاحبي الفضيلة ؛ صاحب الفضيلة الدكتور عبد الله بن صالح الكنهل ،الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية . وصاحب الفضيلة الشيخ محمد بن أحمد الفيفي ،الداعية بوزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالرياض . وقد اعتذر عن الندوة صاحب الفضيلة الدكتور أحمد بن محمد المنيعي ؛ لظروف حالت دون حضوره .

ولا شك أن موضوع هذا اللقاء يحتاج المجتمع بصورة كبيرة لبيانه ، وتشتد الحاجة لكثرة مَن تبنَّى هذا الفكر : فكر “الغلو في الدين” لبيان معنى الغلو وتجليته وأسبابه ، والأسباب التي تجعل الإنسان ينجو من هذا الفكر الخطير .

نبتدئ حديثنا أيها الأحبة مع فضيلة الدكتور عبد الله بن صالح الكنهل ، عن بيان المراد الغلو في الدين ، ويبين لنا الأدلة الشرعية التي تحذر من هذا الفكر ، فليتفضل أثابه الله وسدده.

حديث فضيلة الدكتور عبد الله بن صالح الكنهل

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا . من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد ألا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ، وسلم تسليمًا كثيرًا ، أما بعد :

الغلو عند أهل الكتاب :

أيها الإخوة ، هذه الظاهرة التي سنتحدث عنها – إن شاء الله – في هذه الليلة ظاهرة قديمة ، وجدت قبل الإسلام ، فقد قص الله – عز وجل – علينا في كتابه الكريم ما كان من أهل الكتاب من غلو ، على سبيل التحذير من سلوك مسالكهم ، وفعل مثلما فعلوا . وقد قص الله – عز وجل – علينا عن النصارى ما وقع منهم من غلوٍّ في عيسى ابن مريم ، كما في قوله سبحانه : ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ﴾ [سورة التوبة : الآية 31] . فقد غلوا في أحبارهم ، وغلوا في رهبانهم ، فكانوا يحلون لهم الحرام فيحلونه ، ويحرمون عليهم الحلال فيحرمونه ، وجعلوا عيسى ابن مريم إلهًا مع الله – جل وعلا ، وهذا من الغلو .

الغلو عن المسلمين :

وهذه الأمة ليست بمنأًى عن الغلو ، ولذا قص الله – عز وجل – علينا هذه الأخبار ؛ لكي نحذر أن نسلك مسلكهم ، لما جاء الإسلام وجدت أيضًا بعض بوادر الغلو ، لا سيما في العبادة ، في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – وكان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يبادر إلى علاجها ، ويحذر من الغلو ، ويرشد إلى اتباع السنة ، وتجنب طرق أهل الغلو .

وفي عهد الصحابة – رضي الله عنهم – وبعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ظهرت فرقٌ غلت في أمور اعتقادية ، فظهرت الخوارج ، وظهرت القدرية ، وهكذا كان صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهم علماء الأمة حين ذاك ، كانوا يتصدون لهذه الظاهرة ، فيبينون بطلان هذا المسلك ، ويحذرون من مَغبة الغلو ، ويرشدون الناس إلى الطريقة الصحيحة الوسط ، التي جاءت بها شريعة الإسلام .

الغلو في العصر الحالي :

واستمر مسلسل الغلو في تاريخ الأمة ، فلم يسلم عصر من العصور من وجود فِرق من فرق الغلاة ، وكان علماء الأمة يتصدون لمثل هذه الظواهر ، فيبينون حكم الشرع فيها ؛ إبراءً للذمة ، وتحذيرًا من تلك المسالك المردية ، وهذا هو دور العلماء في كل زمان ومكان .

ولم يكن عصرنا – أيها الإخوة – بمنأًى عن هذه الظاهرة ، فقد ظهرت مظاهر عدة من مظاهر الغلو ، وإن ما نشهده ، مما اكتوت به هذه البلاد من أحداثٍ وتفجيرات وعنف وتكفير ، كل هذا من مظاهر الغلو ، التي حذرنا منها الإسلام ، وحذرتنا منها نصوص الوحيين .

ولهذا – أيها الإخوة – كان من الواجب على أهل العلم أن يبينوا أخطار هذه الظاهرة ، ويبينوا الأدلة الشرعية على تحريم سلوك مثل هذه المسالك ؛ ليكون الناس على بصيرة من أمرهم ، ومن هنا كان طرح هذا الموضوع .

وسيكون حديثي في البداية عن النقطة الأولى ، أو العنصر الأول ، وهو : معنى الغلو . قبل أن ندخل في بيان التحذير من الغلو ، وأسبابه وعلاجه ، إلى آخره .

تعريف الغلو :

لا بد أن نتعرف على المراد بالغلو ، ذكر أهل اللغة أن الغلو في اللغة هو بمعنى مجاوزة الحد ، فكل مَن جاوز الحد فهو غالٍ . وذكر بعض أهل العلم أن تعريفه شرعًا هو تجاوز الحد الشرعي بالزيادة ، اعتقادًا أو عملاً ، وتجاوز الحد الشرعي بالزيادة على ما جاءت به الشريعة ، سواء في الاعتقاد أم في العمل .

أنواع الغلو :

ومن هنا – أيها الإخوة – يتبين لنا أن للغلو نوعين :

النوع الأول :

•الغلو الاعتقادي : ومن أمثلته الغلو في الأنبياء والصالحين ، كمن يغلو في نبي من الأنبياء ، فيستغيث به ، ويسأله من دون الله – عز وجل – أو يدعي فيه أنه يعلم الغيب ، أو غير ذلك ، مما هو من خصائص المولى تبارك وتعالى . ومن ذلك أيضا الغلو في الصالحين ، وفي قبور الصالحين ، وسؤالهم تفريج الكربات ، وإجابة الدعوات ، فهذا أيضًا من الغلو الاعتقادي . ومن ذلك أيضًا الغلو في التكفير بغير برهان من الله – عز وجل – ولا من رسوله – صلى الله عليه وسلم . فهذه من أمثلة الغلو الاعتقادي .

وقد ثبت في صحيح البخاري ، من حديث أبي سعيد مرفوعًا ، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : « إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ ( 1) هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ » ( 2) .

وهاتان الصفتان اللتان ذكرهما النبي – صلى الله عليه وسلم – هما صفتان مشتركتان ، توجدان في كثير من فرق الغلاة على مدار التاريخ ، فهم قليلو العلم ، جاهلون بالشرع . ولهذا حتى لو قرءوا القرآن فإنه لا يجاوز حناجرهم ، بمعنى أنهم يقرءون بدون تدبر ، وبدون فهم ، ولهذا لا يهتدون بهدي القرآن ، ولا ينتفعون بمواعظه ، والصفة الثانية أنهم يقعون في استباحة الدماء ، فهم : ” يدعون أهل الأوثان ، ويقتلون أهل الإسلام ” . وذلك نتيجة لتكفيرهم لأولئك القوم ، فهم يكفرون المسلمين ، ثم ينطلقون من ذلك الاعتبار إلى استباحة دمائهم .

النوع الثاني :

•الغلو العملي : والمراد بالغلو العملي هو : الزيادة في العبادة . فقد يزيد المسلم في عبادة من العبادات على الحد الذي وضعه الشرع ؛ طلبًا للتقرب إلى الله – عز وجل – فيشق على نفسه ، مثلاً كالشخص الذي يصوم ولا يفطر ، أو يقوم الليل كله ولا يرقد ، أو يتعبد لله – عز وجل – باعتزال النساء ، واعتزال الزوجات .

وهذه الظاهرة وجدت في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – كما في حديث أنس ، في قصة الرهط الثلاثة الذين جاءوا إلى بيوت النبي – صلى الله عليه وسلم – فسألوا عن عمل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فكأنهم تقالوه ، ثم قالوا : وأين نحن من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . ثم قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل ولا أرقد . وقال الآخر : وأما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر . وقال الثالث : وأما أنا فأعتزل النساء . فلما جاء رسول الهدى – صلوات ربي وسلامه عليه – وعلم بما قالوا بيَّن لهم المنهج الصحيح ، وأنكر عليهم هذا الانحراف عن السنة ، فقال – صلى الله عليه وسلم – : « أَمَا إِنِّي أَخْشَاكُمْ للهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي » ( 3) .

وإن النوع الأول – وهو الغلو في الاعتقاد – أشد خطرًا من النوع الثاني ، وإن كان كلاهما فيه خطر على الأمة ؛ لأن النوع الثاني يؤدي إلى الفرقة بين المسلمين ، ومنه نشأت الفرق الضالة التي انحرفت عن جادة الصواب ، واستباحت دماء المسلمين وأموالهم ، وأوقعت في بلاد الإسلام الفتنة .

المرجع لمعرفة ما يكون فيه الغلو :

فما المرجع فيما يُعد غلوًّا ؛ حتى تتبين لنا حقيقة الغلو ؟ لا بد من مرجع يتبين من خلاله ما يصح أن يسمى غلوًّا ، وما لا يصح أن يسمى كذلك .

المرجع في هذا – أيها الإخوة – هو الكتاب والسُّنة ، وشريعة رب العالمين ؛ لأننا ذكرنا أن تعريف الغلو هو تجاوز الحد الشرعي ، يعني الحد الذي وضعه الشرع ، فحتى نعرف أن فعلاً من الأفعال ، أو اعتقادًا من الاعتقادات هو غلو ، لا بد أن نتبين حدود الشرع في هذا الجانب . فإن كان ذلكم الفعل ، أو ذلك الاعتقاد ، متجاوزًا لحدود الشرع فهو غلو ، وإن كان في حدود الشرع فليس غلوًّا ، وإن سماه مَن سماه غلوا .

لأننا نجد بعض الناس ممَّن قل علمهم ، أو وجدت عندهم نيات غير صالحة ، أنهم يصفون بعض ما هو من الدين بالغلو ، فتجد من يصف الحجاب – حجاب المرأة المسلمة – بالغلو ، وتجد من يصف تحريم المعازف التي جاءت النصوص بتحريمها بالغلو ، وتجد من يجعل إعفاء اللحى نوعًا من الغلو . وكل هذه الأمور جاءت بها نصوص الشريعة ، فهي من الإسلام ، وليست من الغلو في شيء .

مقابل الغلو :

حتى يتضح لنا حقيقة الغلو فلا بد أن نعرف ما مقابل الغلو ، مقابل الغلو في الطرف الآخر هو الجفاء ، فكما قال بعض السلف : ” دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه ” . فدين الله وسَط بين الغالي فيه ، وبين الجافي عنه . فالطرف الآخر هو الجفاء ، وهو التفريط ، والغلو هو الإفراط ، وكلا الأمرين مذموم .

فالشريعة جاءت بذم التفريط ، وبذم الإفراط ، وجاءت بالعدل ، وسلوك منهج الوسط في الاعتقاد وفي العمل . لهذا يقول ابن القيم – رحمه الله – : ” ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان ؛ إما إلى تفريط وإضاعة ، وإما إلى إفراط وغلو ، ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه ” ( 4) . فكما أن الجافي عن الأمر مضيع له ، فالغالي فيه مضيع ، هذا بتقصيره عن الحد ، وهذا بتجاوزه الحد .

لكن الغلو – أيها الإخوة – أشد خطرًا من الجفاء ، وإن كان كلاهما انحراف من ناحية أن الغلو يفرق الأمة ، ويفتح الطريق إلى البدع على مصراعيه ، وتستباح به الدماء ، والأموال المعصومة .

ثم إن الغالي يظن أنه على حق في كثير من الأحوال ، فيستمر في غيه ، وفي غلوه ، بخلاف العاصي المفرط ، الذي يعلم تقصيره ، فهو أرجى إلى أن يرجع ويئوب ويتوب إلى الله – جل وعلا .

الأدلة على التحذير من الغلو :

القضية الثانية التي سأتحدث عنها هي الأدلة على التحذير من الغلو ، فقد تبين فيما مضى حقيقة الغلو ، وما يتعلق به من أنواع . وسأنتقل الآن إلى ذكر بعض الأدلة الشرعية في التحذير من الغلو ومسالكه .

فقد قص الله – عز وجل – علينا – كما أشرت فيما مضى – ألوانًا من غلو أهل الكتابين ، وما ذاك إلا لكي تتعظ هذه الأمة ، وتتجنب سلوك مسالك الغلو .

الأدلة من القرآن :

الدليل الأول :

فمن ذلك قوله سبحانه : ﴿ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الحَقَّ ﴾ [سورة النساء : الآية 171] .

الدليل الثاني :

ويقول – جل وعلا – في الآية الأخرى : ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ [سورة المائدة : الآية 77] .

الأدلة من السنة المطهرة :

الدليل الأول :

وأما من السُّنة ؛ فقد جاءت أحاديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تحذر من الغلو والتنطع ، منها حديث عبد الله بن مسعود ؛ حيث قال – صلى الله عليه وسلم : « هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ » ( 5) .

والمتنطع – كما يقول النووي في شرحه على صحيح مسلم – هو المتعمق في الشيء ، المغالي فيه ، المجاوز حدَّ الشرع فيه ، سواء أكان قولاً أم فعلاً أم اعتقادًا .

الدليل الثاني :

ومن الأدلة أيضا التي تحذر الأمة من الغلو حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداةَ جمع – يعني صبيحة ليلة مزدلفة ، وهي ليلة يوم النحر : « هَاتِ، الْقُطْ لِي » . فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ ( 6) ، فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ : « بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ » .يعني : فارموا . « وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ » (7 ) .

هذا هو الدليل ، وإن كان جاء على سبب خاص ، وهو قضية الغلو في حصى الجمار ؛ لأن بعض الناس قد يظن أن كبر حجم الحصى من الدين ؛ لأن الحصى كلما كان أكبر كان أقوى وأوقع أثرًا . فأرشد النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى اتباع السنة بقوله : « بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ » أي : فارموا بما يقارب هذا الحجم ، ولا تحكموا عقولكم ، بل اتبعوا سنة نبيكم – صلى الله عليه وسلم – وإياكم والغلو في الدين .

لكن كما يقول العلماء : العبرة بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب . ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – عليه رحمة الله – بعد أن أورد هذا الحديث : ” عام في جميع أنواع الغلو ؛ في الاعتقاد والأعمال ” ( 8) .

الدليل الثالث :

من الأدلة التي تحذر الأمة من الغلو حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – يرفعه إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : « إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ » ( 9) . ويشاد بمعني : يغالب . فمَن غالب الدين ، فشق على نفسه ، فسيكون منتهى أمره إلى الانقطاع ويُغلَب ، كما قال – صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر – : « عَلَيْكُمْ مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا » (10 ) .

الدليل الرابع :

ومن النصوص التي تحذر ، أو تفيد التحذير من الغلو النصوص الواردة في مدح ضد الغلو ، فقد جاءت النصوص الشرعية ببيان يُسر الإسلام وسهولته ، وأنه جاء برفع الحرج ، وجاءت الشريعة تحث على الرفق ، وتحث على الاعتدال ، وعلى الوسطية . هذه الأمور كلها تنافي الغلو ، فالحث عليها ، وإرشاد الأمة إليها ، هو في الواقع أيضًا تحذير من ضدها ، وهو الغلو .

ومن ذلك قوله جل وعلا : ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ ﴾ [سورة البقرة : الآية 185] . وقوله سبحانه : ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [سورة الحج : الآية 78] . وقوله سبحانه : ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [سورة البقرة : الآية 143] . وسطًا يعني : عدولاً خيارًا .

وقوله – صلى الله عليه وسلم – : « إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِى عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِى عَلَى الْعُنْفِ » ( 11) . هذه بعض الأدلة التي تحذر من الغلو وأكتفي بهذا القدر .

حديث الشيخ محمد بن أحمد الفيفي

مظاهر الغلو في الدين في عصرنا الحالي :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وسيد المرسلين ، وإمام المتقين ، نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

مما يحسن الكلام حوله في هذه الندوة الحديث الكلام عن بعض مظاهر الغلو ، وهي – وإن كانت كثيرة – فسوف نقتصر على أهمها ، مما يتسع ويسمح به الوقت .

من مظاهر الغلو :

•الغلو في الأنبياء والأولياء والصالحين .

•الغلو في المتبوعين والأحزاب والجماعات .

•الغلو في إنكار المنكر .

•الغلو في الجهاد .

•الغلو في الولاء والبراء ، وغير ذلك من الأنواع .







from منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب
سيو

0 التعليقات: