الصدام الحضاري بين الإسلام والغرب .


ظاهرة الصدام الحضاري بين الإسلام والغرب

(حقيقة أم افتعال) .







حادثة [ شارلي ايبدو] أعادت فكرة الصدع الحضاري بيننا وبين الغرب ، فقد احتدم التصارع بين الفكرين ، كل فكر يريد الهيمنة على الآخر وهو ما ينبئ بصحة فرضية [صدام الحضارات لهنتنغتون ] ، فقد ارتفعت أصوات نشاز في أوربا تدعو إلى إخلاء بلدانهم من المسلمين الذين أبوا الإندماج مع مقومات البلاد التي اختاروها مهجرا لهم ، وارتفعت عندنا أصوات نشاز تدعو إلى الجهاد ..و ضرب جيوب الغرب المادي بشل اقتصاده عبر مقاطعة انتاجه على شاكلة ما فعله غاندي بمغزله في حرب الهند مع الأنجليز.



*** أسباب تواجد المسلمين في بلدان الغرب .



تواجد ملة الإسلام في أوربا أملته ثلاثة أسباب رئيسية .

**هيمنة استدمارية :

فالدول الأوربية الطاغية المستدمرة نقلت الطبقة الشغيلة الإسلامية لبلدانها ، نقل الجزائريين إلى (كايان) و (كالدونيا الجديدية ) تسريع الهجرة المغاربية بعد الحربين الكونتين الأولى والثانية لإعادة إعمار فرنسا بأيد المغاربة …. الخ .

** تغول الثروة و الثورة الصناعية :

حاجة الشعوب المستضعفة للعمل وتحسين الظروف ، وحاجة الصناعة للأيد العاملة ، أدى بكثير من شباب المسلمين إلى الهجرة نحو الغرب ، فالبنغال ، والبلوش ، والأتراك و الكرد والعرب ، والقبط ، والمغاربة متواجدون بقوة في بلدان الغرب ، فإن كانت بريطانيا مُستقطبة لمسلمي عرب المشرق ، والشرقين الأدنى والأقصى ، فإن ألمانيا مستقطبة من (الترك) بحكم حنين التاريخ لكونهما من دول المحور خلال الحرب العالمية الأولى ، أما دول (البنيلوكس) وفرنسا وأسبانيا وإيطاليا فهي محط الهجرة المغاربية والإفريقية المسلمة ، ولا زالت قوارب الفارين نحو الغرب في تزايد رغم القيود المفروظة التي لم تردعها حتى أخبار نفوق المهاجرين الذين ابتلع بعضهم الحوت وبعضهم الآخر لفضه البحر نحو الشواطيء في صور مرعبة ؟



** إستبداد الأنظمة العربية الإسلامية والإسلامية:


كثير من المسلمين تركوا ديارهم وموطنهم الأصلي بحثا عن الحرية النفسية والفكرية التي وجدوها في الغرب الذي أظهر نوعا من التسامح والقبول للوافدين ، فقد منحهم الدفء العاطفي والمعنوي في ظل قوانين وضعية مؤنسنة لا تعر لأديان اي اعتبار ، كما تدفق عدد لا بأس به من المسلمين باتجاه جامعات الغرب فنهلوا من معارفها التي أبهرتهم ، فوقع ما يسمى بالإنبهار الحضاري .



*** نظرة الشرع للهجرة والإقامة بلاد الكفار .



الفكر الإسلامي لم يكن غريبا عن ظاهرة الهجرة فقد تحدث عنها السلف بإسهاب غير أنهم أنقسموا إلى فصيلين :



فصيل يُحريم الإقامة في ديار الكفر مُطلقا لعلل رأوها مثل ما ورد عند المالكية ( المقدمات والممهدات لبن رشد 2/151) ،(المعيار المغرب 2/221) ، وعند ابن حزم الظاهري في المحلى 5/419 ) ، وعند الشيخ محمد عبد الوهاب في عيون الرسائل 1/213 ، … ) .



فصيل ثان يرى جواز الإقامة في ديار الكفر إذا أمن من الفتنة لأن الأصل في الهجرة الإباحة ، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الفقه السني الذي يمكن الإطلاع عنه في الحاوي الكبير للماوردي 14/123 ، والمغني لابن قدامة 10/151 ، ومطالب أهل النهى للرحيباني2/511 …..



***حالة المسلمين في ديار الكفر .



إلى غاية منتصف القرن العشرين ، عاش المسلمون في الغرب دون صدام يذكر مع مستقبليهم في الجانب الديني ، فقد ألفوا النظم الغربية وتعاملوا معها من باب أنهم عناصر طارئة على هذه البلاد الغريبة ، فاستفادوا من (القانون المدني) و(حرية المعتقد) المدعمة ب(حرية القول والرأي) ، فسُمح لهم تشكيل جمعيات وبناء مصليات ومساجد ،والدعوة السلمية … . فبدأ إشعاع الإسلام يتلألأ في سماء أوربا ، غير أن طيفا من الغلاة الأوربيين كانوا ضد الإنتشار المتشارع للإسلام في ديارهم وهو ما يظهر بجلاء في تصريحات حزب اليمين المتطرف الفرنسي f.n بزعامة آل لوبان le pen ، ويبدو أن فرنسا الرسمية ليست معادية للإسلام [كظاهرة تعبدية ] لكنها متوجسة من المساس بمباديء الجمهورية الفرنسية وخصوصيتها العلمانية ، فهي تريد تدجين الإسلام تحت مظلة قوانينها بتكوين ائمة من الفرنسيين على شاكلة مفتي مرسيليا سابقا صهيب بن الشيخ ، فقد لا حظت وأنا حاضر خطبتي الجمعة في مسجد بورت دو بانتان porte de pantin في ضواحي باريس ، جدلا حادا بين بعض المصلين ورئيس جمعية المسجد بشأن الخضوع للقوانين الفرنسية .


وسأحاول لا حقا أن أنقل لكم صورة الصدام بين الحضارتين الغربية والإسلامية في أوجه عدة .



ثنميرث .





from منتديات الشروق أونلاين
سيو

0 التعليقات: